الجمعة، 20 ديسمبر 2013

1- ( الناس فى الاُقصر عام 1898 )

فى إفتتاحية لهذه المدونة "نوستالجيا" التى سوف سأخصها بنشر الصورة القديمة فقط تلك التى تمنحنا فرصة ذهبية و نادرة للاطلاع على تفاصيل الحياة و عبق الامكنة القديمة فى أوقات و أزمنة ولّتْو مَضتْ بناسها و حيواتهم .. و ما تبقى لنا إلا بعض ما تيسر لىّ من صور وجدتها بعد بحث دؤوب ... جميعها صورة قيّمة جداً و نادرة ... و رُبماَ اغلبها ينشر لاول مرة ...

هاتان صورتان نادرتان تم التقاطهما فى مدينة الاقصر عام 1898  صاحبهما" مًصور فرنسىّ"، حدث هذا منذ قُرابة "115" مائة وخمسة عشر عام مضتْ... الصورتان فى مكان واحد .. الاختلاف قد يكون فى تغيّر مواضع و شخوص بعضاً من عناصر الصورة .. لكن الامساك بتفاصيل الصور هو مُتعة مذهلة ... لىّ على الاقل..




الصبى الصغير وقف بنصف إبتسامة امام المُصور مزهوا بنفسه، و قد ارتدى جلبابه و قد اقفل الزر الاخير قرابة عنقه، بينما توسدت يسراه خاصرته .. و ازيحت طاقيته قليلاً إلى مؤخرة رأسه، بينما وقفت لجواره صبية ترتدى أثمال سوداء او رمادية " ربما كانت فى الاصل سوداء و هى جديدة منذ زمن.. ثم تحولت الى اللون الرمادى بفعل تقادم الايام عليها و على صاحبتها" ... رغم ذلك تبتسم الصبية ببراءة و صدق  و قد عقدت كفيها لضم ورفع طفلة أخرى صغيرة توسدت الذراع اليسرى للصبية ... بينما أقصى يمين الصورة يمر صبىّ أصغر منهم ممسكاً بــ " صحن" ربما ذاهبا لجلب طعام أو استعارته ... بكل حال فى الصورة الكبيرة منشورة فى الاسفل سنراهم جميعاً حفاة الاقدام




هنا سيظهر جزء أكبر من الصورة السابقة .. و قد تعددت شخوص الصورة أمامنا ... ثلاثة فتيات يافعات قليلا عن الاخريات و قد حملن فوق رؤوسهن الجِرار الفخارية " البلاليص" بالطبع لملء و نقل الماء ... بينما صبى صغير"فى منتصف الصورة تقريباً" و قد حمل فوق رأسه إناء خزفى شبه مستدير.. أكبر من "القُلة" و أصغر من "البلاص" .. و الى يسار الصورة سنرى صبى "مُعمم" و هو مبتسما و قد استند الى حائط مجاور و يسراه على خاصرته، بينما وقف إلى جواره صبى أصغر قليلا منه و قد رفع على رأسه سلة من الخوص " مَشنّة"  لنقل الحبوب أو الخبز و الطعام.. الغريب انه كان يمص أصبعه .. ربما من الارتباك و الخجل أو ..... الجوع



هذا جزء مٌقرب من الصورة الثانية ..فى نفس الشارع .. مع بعض تغيرات فى عناصر حضور الصورة، الصبية حاملة الطفلة ما زالت محتفظة بإبتسامتها الفطرية بينما الطفلة الصغيرة المحمولة أدارت لنا ظهرها .. و ظهر جزء من ساقيها و قد ربط فى ساقها اليسرى برباط اسود " ربما كان لمنع الحسد "  و نستطيع ببساطة ان نخمن أن الطفلة تتمتع بصحة جيدة "بدون حسد طبعاً" رغم الانطباع العام أن القوم جميعهم يعانون من شظف العيش و تواضع الاحوال،...
إنضمت للصورة الان سيدة تختفى خلف ملابسها التى اُسدلت عليها بإحكام فلا يظهر من وجهها شيئاً يُذكر و هى ملابس احتشام إجتماعى منتشرة فى صعيد مصر حتى اليوم، بينما أمسكت السيدة المحتجبة خلف ستورها بطرف التقاء برقعها مع غطاء رأسها " سيخيّل الى الناظر أنها تمسك بموبايل فى يسراها " ... بينما قفزت الى أسفل الصورة هذه الطفلة  عارية الرأس و قد حاولت مُدارة خجلِها او إرتباكِها  بتشبيك أصابعها خلف رأسها.



  





ها هى الصورة الثانية و قد اتسع مجال الرؤية فنرى على أقصى يمين الصورة و قد جلس رجل امام دُكان "السوق الاهلى" و كذلك فعل لاحقه .. وكذلك إستند أخرون بظهورهم الى جدران البيوت ربما للتأمل أو ممارسةً للكسل الذيذ ... كذلك احتفظت فتيات و صبيات الصورة السابقة بحضورهن فى المشهد .. و جلهن يحملن جرار الماء " البلاليص" .... سيتبقى ملاحظتين عابرتين  ...
الاولى، أن الصبى  الذى يحمل " مَشنّة"  الخبز مازال يمُص أصبعه بثبات بعد أن ذهب خجله و ارتباكه قليلاً لكن بقى الجوع يدفع بأصبعه بديلاً لطعام غاب...
الثانية، يبدو بوضوح و بدون آى لبس أو سوء ظن و ضعف تقدير .... يبدو أن صانع الاحذية " الاسكافى أو الجزمجى" لم يكن ذات يوماً مضى ... يتمتع برزق كبير فى هذا الشارع.





و أخيراً ... الصورتان و قد تجاورتا جوار بعضهما البعض ... و سوف تجد أن الصورتان ليس بينهما فرق كبير ... و هو تخمين خاطىء ... دقق قليلا  لتمسك بعشرة فروق على الاقل بين الصورتين ... و إن لم تمسك بالفروق فليس عليك إلاَ الصعود إلى أعلى التدوينة لتبدأ من جديد ... 





تحياتى، و نلقاكم على خير فى تدوينة جديدة  الاسبوع القادم ... بإذن الله تعالىَ
؛عُــمــــر المِـصــــرِىّ

للتواصل او الاستفسار و الاستعلام   يرجى مخاطبتى على هذا البريد
omar.almasry1@gmail.com

ملاحظة هامة: جميع الصورة المنشورة هُنا هى فقط مَحض نسخ مُصغرة من الصور الاصلية كبيرة الحجم "ليست مجانية"  و هى التى تصلُح للطباعة بمقاسات كبيرة